أبدأ البحث

تعرف على مدينة بوخارست

 تعرف على مدينة بوخارست
 

تقع بوخارست في الجزء الجنوبي من رومانيا في قلب ما كان يعرف سابقا بإمارة ولاشيا, و بوخارست ھي ذاك النوع من المدن الذي يختزن الكثير الكثير من القصص أكثر مما يمكن تخيله, و قد عرفت في مطلع القرن العشرين " باريس البلقان" أو "باريس الشرق" كونھا مدينة أوروبية نابضة بالحياة, و ھي الأن تحاول أن ترقى لمجدھا القديم في محاولة لأن تجد نفسھا من جديد, بوخارست الأن تحاول النھوض من تحت رماد الحقبة الشيوعية التي دمرت ھويتھا و ارثھا التاريخي العظيم, أن تنجح أو لا تنجح بوخارست في نفض غبار الشيوعية عنھا؟ يبقى لنا أن نراقب لنرى, و لكن تبقى ھذه المحاولة شيء يستحق اھتمام الجميع, و يكمن ھذا التحدي الكبير في أن تستمر بالتطور دون أن تنحرف عن مسارھا الحقيقي و أن يحدث التغيير دون كلفة باھظة في الحجر و البشر الذين جعلوا من بوخارست مكان فريد من نوعه. 

و بوخارست تبھر الغرباء, لا لموقعھا الباھر, و لكن كونھا تجمع التناقضات, الغني جدا و الفقير جدا, ماضيھا العريق, و حاضرھا و مستقبلھا, كل ھذا في تناغم و تعايش غريب, ھذا ھو سحر بوخارست الذي كنا و ما نزال نحرص على الحفاظ عليه.

اسطورة بوخارست

تعرف على مدينة بوخارست

و تخبرنا الأسطورة أن ھناك راعي غنم اسمه بوخار ھو اول شخص حط رحاله في ھذه المنطقة مع قطيعه من الغنم و الماعز, و من ھنا جاءت تسمية بوخارست ، و اول ذكر لبوخارست في الوثائق التاريخية يعود لعام 1459 عندما قام الملك فلاد المخوزق حاكم ولاشيا, بلاطه الأميري ھنا, و من ھذه النقطة بالذات اكتسبت بوخارست أھميتھا, و بات من المفضل أن تكون عاصمة ولاشيا من قبل الذين حكموا ھذه الإمارة لاحقا, و قد كانت الفترة ما بين القرنين السادس عشر و السابع عشر حاسمة لناحية تطوير بوخارست كمدينة فعلا, و يعود الفضل في ذلك لنشاط العديد من النقابات و الحرفيين و التجار في ذلك الوقت, حيث تركزت معظم الأنشطة التجارية بيد الأتراك و اليونانيين, و  على كل حال, فقد لعب التجار المحليين, الطليان, من البندقية, وحتى تجار ألمان من لايبزغ دورا ھاما في ذلك, و حتى يومنا ھذا, لازالت معظم الشوارع  في المركز القديم من بوخارست, و ھي شوارع ضيقة و متعرجة, تحمل أسماء النقابات التي أقامت مراكزھا في ھذه الشوارع مثل: شارع سادلرز و شارع صانعي الزجاج و شارع تجار الفراء .. ألخ .

الانشطة التجارية في بوخارست

تعرف على مدينة بوخارست

و بفضل ھذه النقابات المزدھرة والأنشطة التجارية الكبيرة اكتسبت بوخارست سمعتھا الجيدة جدا كمدينة, و خلال القرن الثامن عشر, اعتبرھا العديد من الذين خاضوا غمار السفر في شرق أوروبا أنھا المدينة الأھم في المجال الأوربي الشرقي.

في أوائل القرن التاسع عشر و تحديدا سنة 1808 تم بناء فندق جديد و ضخم من قبل تاجر تركي بارز اسمه مانوك بيه و ذلك في قلب مدينة بوخارست ليكون شاھدا على التطور الكبير الذي أصاب المدينة بمرور الزمن, حيث أن المعاھدة التي أنھت الحرب الروسية التركية ما بين عامي 1806 و 1812 قد وقعت فيه, و لايزال المبنى موجود في مكانه السابق  بين الأبنية القديمة ويحمل نفس الاسم, فندق مانوك, حيث جرى ترميم ما حوله فقط, و لعدة سنوات اشتھر كواحد من أھم و أفضل المطاعم و اكثرھا ازدحاما في بوخارست, و قد اغلق الآن للترميم, و تقريبا بنفس الوقت, في بدايات القرن التاسع عشر, كانت بوخارست و لفترة قصيرة تحت الإدارة الروسية, و قد استفادت كثيرا من ذلك, فقد حرص الجنرال الروسي بافل كيسيليف على أن تكون بوخارست مدينة كبير و ذات جادات واسعة و جميلة و ذلك محاولة منه لجعلھا مكان للاستعراض القوة الروسية, و كان الغرض من كل ذلك اقناع المسافرين الغربين عن الفوائد و المزايا الجمة للوجود الروسي في أي منطقة.

و في أوائل القرن التاسع عشر, تأثرت بوخارست بشدة من جراء زلزالين قويين, مرض الطاعون و حريق كبير جعل الكثير من الناس يعيدون النظر بفكرة أن تكون بوخارست مدينة المستقبل و خطط التنمية المستقيلية ، وبعد عام 1812 و الأھم, ومع مجيئ سلالة عائلة ھوھنزولرن للحكم سنة 1866 كانت قواعد بداية جديدة قد أرسيت لبوخارست و لكل الأمة.    

و في غضون خمسين عاما من التغيرات و التقدم بلا عوائق, تحت رعاية العائلة الملكية الرومانية, حققت العاصمة الرومانية مستوى جديد و غير مسبوق من التقدم و التطور لتكتسب لقبھا المغري "باريس الشرق".

أصبحت بوخارست, ھي المركز الاقتصادي و السياسي و الثقافي لرومانيا, فھي كانت, منذ عام 1862 و لا زالت عاصمة البلاد على الرغم من الأحداث السياسية الھامة التي حدثت في البلاد, و يبلغ عدد سكانها 2.4 مليوم نسمة ، و ھي المركز المالي لرومانيا و المكان الذي تتخذ فيه القرارات الھامة على مستوى الدولة ككل,

   

و اداريا تقسم بوخارست الى 6 بلديات لكل منھا رئيس بلدية مستقل, و يوجد عمدة رئيس بلدية عام يشرف على عمل رؤساء البلديات بالتنسيق مع محافظ المدينة, الذي يمثل الحكومة الرومانية.

  و تعتبر رومانيا مركز ھام للتعليم الجامعي حيث يحلم جميع الرومانيين و على اختلاف مدنھم بإكمال تعليمھم الجامعي فيھا, ولھذا تجد المنافسة على أشدھا لتحقيق ذلك. 

أما نظام النقل في بوخارست فھو من أعقد الأنظمة في أوروبا, مع أنه ليس الأكفأ, حيث يتكون نظام النقل من مجموعة كبيرة من الحافلات و العربات و الباصات التي تؤمن نقل المواطنين الى مختلف انحاء بوخارست, إلا أن وجود الكثير من الاختناقات المرورية المتكررة و أحيانا أعمال صيانة الطرق تسبب تعطيل في انسيابية عمل نظام النقل العام مما قد يؤدي أحيانا الى تأخر حركة الباصات و الحافلات حوالي 45 دقيقة .

أما البنية التحتية في بوخارست فقد جرى تطويرھا في السنوات الخمس الأخيرة بشكل كبير, و لذلك تم جلب العديد من الباصات الحديثة و القطارات السريعة فوق أرضية لدعم نظام النقل العام, كما ويوجد في بوخارست نظام مترو انفاق الذي تم بنائه سنة 1980 في ظل الحكم الشيوعي لنيكولاي تشاوشيسكو, وھو نظام ھام جدا و حيوي لبوخارست كونه يقل مئات آلاف المواطنين يوميا مما يخفف العبء عن شوارع و جادات بوخارست, و قد كان بناء ھذا النظام ليس بالأمر اليسير كون التربة تحت معظم اجزاء المدينة ليست مستقرة بالإضافة لقرب طبقة المياه الجوفية من السطح, ولذلك تم حفر معظم قنوات المترو تحت شوارع و جادات بوخارست و ليس تحت الأبنية كإجراء احتياطي, و عدد السيارات في بوخارست كبير بشكل مدھش, حيث يبلغ عدد السيارات أكثر من مليون سيارة, و ھذا يعني أن الاختناقات المروية ھي أمر كثير الحدوث و ليس نادرا, ھذا اذا علمنا ان البنية التحتية تستطيع العمل بكفائة عالية ضمن حدود 450 ألف سيارة ، و ھذا يدعونا للقول أنه لابد من اتخاذ اجراء عاجل حيث تشير التقديرات الى أنه لم يتم ايجاد حل عاجل لذلك فمن المتوقع أن تشل الحركة في المدينة تماما في غضون سنوات, حاليا يجري الحديث عن ضرورة تطوير البنية التحتية للطرق, على كل حال ما تم انجازه حتى الأن ليس بالشيء الكثير .

و يوجد في بوخارست نھر يتدفق في قلب المدينة, و يدعى نھر الدامبوفيتا الذي يعتبر أحد العوامل الإضافية التي تجعل من بوخارست قريبة من باريس ھذا اذا اضفنا أيضا قوس النصر مخطط المدينة و مظھر معظم جاداتھا العريضة و الأبنية الفرنسية من القرن التاسع عشر الموجودة في مركز المدينة.

و تعتبر الحدائق العامة في بوخارست من الأشياء الھامة جدا للمدينة كونھا تعمل كمرشحات ضد تلوث الھواء بالإضافة لكونھا ملاذ للسكان في العطلة الاسبوعية من جنون المدن, و حقيقة في بدايات القرن العشرين كانت تعتبر بوخارست واحدة من اكثر مدن اوروبا اخضرارا كما في باريس و لندن, و حاليا, و مع توسع المدينة, لم تعد المنتزھات الموجودة كافية و تتناسب مع توسع المدينة, و لذاك تم وضع العديد من الخطط حاليا لزيادة عدد ھذه المنتزھات و الحدائق بنسبة 50% .

و على مدى العشر سنوات الأخيرة أو يزيد, كان ھناك ھجرة جماعية للسكان من العاصمة باتجاه الضواحي و المناطق المجاورة التي شھدت تطورا سريعا, و أتاحت فرصة للسكان للھروب من حياتھم المحمومة في المدينة, أما حاليا, فقد ظھر جيل جديد من سكان بوخارست و يدعون: الركاب ، المغادرين يوميا للعمل, بالعودة لزمن الحقبة الشيوعية, حيث لم يكن للمدن الرومانية أية ضواحي, بكلام اخر: أنت يجب أن تعيش و تعمل بنفس المدينة, أ ما حاليا فالناس باتوا احرارا في اختيار مكان سكنھم, و الكثير منھم اختار أن يعيش على أطراف المدينة و يسافروا لعملھم كل يوم, و ھذه الظاھرة ترتبط بشكل مباشر بالطفرة العقارية في الثماني  سنوات الأخيرة أو يزيد, و ھذا أدى الى ظھور الكثير من الثروات تجلت في رومانيا خلال المالية بيد الكثير من الأشخاص نتيجة الصفقات و المشاريع العقارية و خاصة عندما تم البدء بتطوير ضواحي بوخارست بالإضافة للعديد من المدن الرئيسية في البلاد.   

بوخارست, وبدون أدنى, شك ھي المدينة الأكثر حيوية في رومانيا, ففيھا كل شيء, المسارح و دور الأوبرا و صالات الحفلات الموسيقية, حياة ليلية, نوادي و بارات و حانات و شركات متعددة الجنسيات و فرص مميزة للعمل و حدائق و منتزھات و دور سينما و جامعات و حدائق حيوان و متاحف و معارض فنية و معمارية و بنوك و ..... فرص و امكانات لا نھاية لھا.