أبدأ البحث

رحلتي للجنة المفقودة.. حرب من أجل كوب شاي واكتشاف "إخواننا" الهنود والخواجة "سيمينز" عدو التكنولوجيا

 رحلتي للجنة المفقودة.. حرب من أجل كوب شاي واكتشاف "إخواننا" الهنود والخواجة "سيمينز" عدو التكنولوجيا
 رحلتي للجنة المفقودة.. حرب من أجل كوب شاي واكتشاف "إخواننا" الهنود ولا تنسى الخواجة "سيمينز" عدو التكنولوجيا

 

بقلم: أدهم همشري

في المقال السابق عشنا معًا جزء كبير من رحلتي إلى الواحة المفقودة سيوه، تعرفنا على الجمال والسحر والتاريخ الذي يملأ كل ركن من أركانها، اليوم نستكمل رحلتنا لننشر المزيد من السحر في النفوس والعقول.

 

هل تريد نبوءة؟ هناك تنبأ العراف أمون للأسكندر بحكم العالم

 

قررنا أن نتجول وسط تلك الجنة مستخدمين الدراجات.. لذا توجهنا على متنها حيث ذهبنا لزيارة معبد "أمون" والذي يعتبر واحد من أقدم معابد العالم، وهناك وجدنا ذلك المكان الذي عاش فيه العراف اليوناني "أمون" -نعم هو يوناني وأسمه آمون لا تتعجب- وهو العراف الذي جعل الأسكندر الأكبر يتوجه إليه مباشرة بعد وصوله لمصر ليسأله إن كان سيحكم العالم أم لا, فكانت إجابة العراف "نعم ولكن ليس لفترة طويلة"!!

 

بحر الرمال العظيم.. سفاري ومياه كبريتيه وصحة عال العال

 

كلنا سمعنا عن عيون المياه الكبريتية وتأثيرها الصحي على الجسد وخاصة العظام والجلد ولذلك كانت نيتنا الأساسية زيارتها في طريقنا لرحلة السفاري المنتظرة حيث قمنا بزيارة عين "كليوباترا" أولا ثم انطلقنا إلى أحد أهم الزيارات في رحلتنا وهى رحلة السفاري في صحاري بحر الرمال الأعظم، بدأت الرحلة في السيارة رباعية الدفع والتي تبدو برغم حجمها الكبير نقطة صغيرة في وسط تلك الصحراء العملاقة وهي تسرع في طريقها وكأنها تطير بين الكثبان الرملية بينما نعاني نحن من تخبطنا بعضنا البعض داخلها، وهو شعور رغم غرابته يشعرك كأنك تتحدى الكون وتطير فوق سحاب من الرمال.

وسط ذلك اللون الأصفر المحيط بك من كل جهة, فوجئنا بهدية من تلك الطبيعة الساحرة حيث مجموعة من العيون الطبيعية التي تنبض من باطن الأرض بالمياه الحارة، وهكذا أوقفنا السيارة لنهبط جميعًا "مشمرين" عن سيقاننا لنستمتع بساعة رائعة بين المياه الكبريتية الساخنة التي تنهمر فوق أجسادنا لتدفئها بشكل طبيعي في صقيع الشتاء.

 

حرب ضروس وسيارة "غرزت" فقط من أجل كوب شاي "يعدل الطاسة"

 

الشاي ذلك الكائن المبدع الذي يضبط العقل و"يعدل الطاسة" كما يقال في العامية، ويدفيء الجسد في ليل الصحراء البارد، كان هذا هو هدفنا الحقيقي ونحن ننصب جلستنا في الصحراء حيث وضع دليلنا البدوي قطع الحطب وأشعلنا النيران وصففنا الأكواب وافترشنا الأرض مستعدين لصنع أفضل كوب شاي بدوي في العالم، لنكتشف الحقيقة المرعبة وهي أن الدليل قد نسي الشاي في الواحة.

 

بعد الإحباط والضيق تبرع دليلنا الهمام بالعودة للواحة وإحضار الشاي مؤكدا إنه سيعود سريعًا وأنه لن يجعل يومنا يفسد بهذا الأمر البسيط، ولكن يبدو أن القدر كان له رأي أخر، فما أن تحرك الدليل بالسيارة لمسافة لا تزيد عن 100 متر حتى "غرزت" في إحدى الكثبان الرملية وهو ما جعلنا ننطلق في هستيرية ضاحكة من هذا الحظ العاثر، وهكذا جرينا مسرعين لمساعدته, بعضنا يحاول دفع السيارة -وهو الأمر الذي باء بالفشل– وأخريين حاولوا إبعاد الرمال من حول العجلات المغطاة بالرمال الناعمة، وبعد العديد من الدقائق والكثير من المجهود والعمل الجماعي, نجحنا في أن نحرر سيارتنا، ليذهب الدليل أخيرا ويعود بالشاي الذي طال انتظاره.

 

مع كوب الشاي الثمين والإبداع الرباني الخالص تتزاحم الأفكار

 

وبينما نحن نتحدث ونشرب الشاي الثمين الذي تطلب الكثير من العرق والجهد للحصول عليه, سرح عقلي وأنا أشاهد الشمس وهى ترحل خلف تلك الجبال الرملية البعيدة، لحظات من الصمت والعزلة عن كل شيء، ولكني في الحقيقة لم أكن سارحا في مشهد الغروب الرائع بل كنت أفكر في منظر الصحراء الواسعة من حولي ذلك الإحساس الذي يراودني كلما سافرت إلى مكان جديد أو وقفت أمام رهبة المناظر الطبيعية، شعور كيف أن هذا العالم كبير جدا, أكبر من كل مشاكلنا وإختلافتنا, أكبر من أن يظن أى شخص إنه محور الكون به، حيث سرعان ما يكتشف المرء حجمه الحقيقي في الكون وكم هو صغير للغاية أمام هذا الإبداع الرباني، ولكن للأسف سرعان ما مضى الوقت سريعًا لتنقطع تلك الأفكار حيث وجب علينا التحرك للمخيم لأن الليل قد سيطر على الأجواء.

 

"مخيم سيمينز" متخليش الاسم يخدعك مافيش هنا اتصالات

 

وصلنا مخيم "سيمينز" وقد يخطر ببالك بمجرد سماع الاسم أن المخيم له أي علاقة بالتقدم التكنولوجي أو ما شابه ولكن في الحقيقة "سيمينز" هو فقط أسم مالك المخيم قديما –وهو ألماني الجنسية– أما بالنسبة للتقدم, فمن الغريب أن المخيم كان المكان الوحيد في تلك الصحراء الذي يفتقد لأي إشارة لأي شبكة اتصال، يبدو أن "الحاج" سيمينز كان معادي للتكنولوجيا كذلك!!

 

رائحة "الفراخ" المشوية في الرمال التي تعيد لروحك رونقها وللحياة جمالها

 

قررنا أن نسير قليلا حول المخيم تحت تلك السجاد الزرقاء المغطاه بالنجوم اللامعة والتي للأسف كانت تفتقد للقمر، إلا أن وقت المعدة قد جاء وعندما يحضر الطعام يصمت كل شيء حتى الأفكار، ذهبنا جميعا لنلتف حول بدو المخيم وهم يحفرون في الأرض ليظهر طبق معدني ضخم كان مدفون تحت الرمال –ولا اعرف إن كان ما جمعنا حولهم هو الفضول أم الجوع– ولكن بمجرد فتح ذلك الغطاء المعدني, حتى انتشرت رائحة الدجاج المشوي في أرجاء المكان، لنصمت جميعًا أمام روعة وجمال تلك الرائحة.

كانت وجبة ممتازة حيث "الفراخ" الشهية وإلى جانبها بعض الأرز والخضار والسلطة، وهي حقًا أفضل وأنسب نهاية لليوم المزدحم بالأحداث والنشاط والمناظر الطبيعية الساحرة ولكننا اكتشفنا أن اليوم لم ينتهي بعد.

 

""لمة" نيران المخيم و"إخواننا" الهنود المبدعين

 

هناك حقيقة علمية يجب أن تؤمن بها وهي أنه في برد الصحراء, يجب أن يلتف الجميع حول نيران الحطب، وهكذا تجد الفرصة سانحة لتتعرف على بعض الشباب المسافرين من الكثير من الدول حول العالم، تعرفنا على ما يقرب من 10 شباب وفتيات, أغلبهم من الهند وآخرون من الصين وبوليفيا، بدأ إحدى الشباب في الحديث عن نفسه وإنه جاء لمصر للعمل بمجال الدعاية في فترة أجازته الصيفية من الجامعة، الكل تخيل إنه يدرس الدعاية او التسويق في بلده ولكن كانت إجابته صادمة للجميع بإنه يدرس "هندسة طبية" في الهند ولكنه قد أراد أن يتعلم مهارة جديدة لم يكن يجيدها من قبل، أبهرنا ذلك الشاب بطريقة حديثه المرتب ولغته الإنجليزية السليمة وكلامه عن عمله ومجال دراسته، أعتقد أنه قد أبهرنا لدرجة كونه المتحدث الوحيد تقريبا في تلك "اللمة" ولم يسمح الوقت قبل رحيلنا للتعرف على الباقيين بدرجة كافية ومعرفة هذا الكم الكبير من التفاصيل عن حياتهم، ولكن عندما رحلنا جميعًا شعرنا كأننا صرنا كالأخوة في جلستنا هذه حول النيران.

 

بحيرات الكريستال.. ملحك من البحيرة "لحلة" الطعام مباشرة

 

عدنا للفندق لننال قسط من النوم بعد ذلك اليوم الطويل الرائع، ومع بداية يوم جديد في الصباح كان بإنتظارنا رحلة مختلفة تماما حيث استأجرنا "تريسيكل" وانطلقنا لزيارة بحيرات الكريستال، أو بمعنى أخر بحيرات الملح.

 تلك البحيرات ذات اللون الأزرق المبهر للأعين ويريح الناظرين، وفي وسط ذلك اللون الأزرق يظهر لك الكثير من جبال الثلج – أو هكذا تظن في البداية – ولكنها في الحقيقة جبال من الملح!!

تلك المنطقة مليئة ببحيرات عملاقة وكميات مهولة من الملح وعندما سألت أحمد –وهو أحد أهل سيوة وصاحب التريسيكل– عن صلاحية ذلك الملح للاستخدام، كان رده إن أهل سيوة يستخدمون ذلك الملح من البحيرات إلى طعامهم مباشرة.

 

نهاية الرحلة والوداع لجنة مصر المفقودة

 

في نهاية اليوم كان وقت الرحيل قد آن لنودع هذه الجنة المفقودة، إنها قطعة من الجنة في جمالها وسحر طبيعيتها، وفي طيبة أهلها وهدوئها الذي سيتنقل إلى نفسك ليريحها، ولكن للأسف كثيرون لا يعرفون عن تلك الجنة ولا يتخيلون وجودها من الأساس لذلك أتمنى أن أكون قد أستطعت أن أنقل لكم بعض مما رأيت وسمعت هناك لعل ذلك يشجع الاخرون لزيارة واحة سيوة. الجنة المفقودة.

 

تعرف على أماكن مبدعة أخرى في مصر كهف وادي سنور ، محمية في المعادي، وشجرة الأيس كريم

 

لمناقشة الكاتب عبر "الفيسبوك" اضغط هنا 

لمشاهدة رحلات مختلفة للكاتب اضغط هنا

 

 تعرف على أماكن مبدعة أخرى في مصر


اخطف رجلك لسيناء.. محمية نبق نصفها بالماء والأخر في اليابسة.. وبها 86 نوع انقرضوا من كل العالم


الكهف الأهم في العالم محمية وادي سنور.. تقع ببني سويف


رحلتي لواحة مصر المفقودة.. "سي أمون" و"ميسو ايزيس" وشاي بالحشيشة

 

صدق أو ماتصدقش المعادي فيها محمية طبيعية.. صخور وغزلان وتعالب وانسى الأسود والأفيال

 

فقط في المعادي.. شجرة ثمارها أيس كريم


تعرف على أماكن مبدعة أخرى في العالم


الجزيرة الجميلة فرموزا بؤرة الشيطان.. مثلث التنين.. شقيقة مثلث برمودا

 

روعة لن تستطيع نسيانها.. جبال الصين الملونة