قصر الحصن
أقدم بناء تاريخي و حارس تاريخ مدينة أبوظبي ويعكس الإنجازات في أبوظبي بصورة متواصلة منذ القرن الثامن عشر ولغاية اليوم.
خلال القرن السابع عشر، كانت معظم الأراضي التي تتكون منها إمارة أبوظبي حاليا خاضعة لاتحاد قبائل بني ياس حيث استعمل بعضهم جزيرة أبوظبي لصيد السمك وربما للغوص بحثا عن اللؤلؤ.
كتب في التاريخ عن هذه المنطقة أن أحد أفراد منطقة ليوا كان يطارد ظبيا في الجزيرة إلى أن وجده يرتوي من بئرعذبة، فتم تشييد برج مراقبة لحماية مصدر الماء الحيوي وتكونت مستوطنة بشرية أحاطته في عام 1760 ومنها سميت الجزيرة أبوظبي والذي تعني أرض الظبي. وفي حوالي سنة 1793 كلف الشيخ شخبوط بن ذياب آل نهيان ببناء قلعة محصنة ومقر إقامة له وعائلته.
بعد ذلك تم دمج برج المراقبة في حصن أكبر مساحة يشتمل على برجين دائريين وبرجين مربعين بالإضافة إلى مبان داخلية مع فناء داخلي. شكل بذلك مركزدفاعي رئيسي في المنطقة وتم اتخاذه لحماية شواطئها البحرية.
مقر الحكم
أصبح القصر مقرا رسميا للإقامة ومركزا لحكم الشيخ شخبوط، الذي حكم من 1793 إلى 1816 ووفر مناخا من الاستقرار لمختلف المجموعات على جزيرة أبوظبي. وقد وطد الحصن المكانة السياسية للعائلة الحاكمة حمى الناس خلال الاضطرابات كما أغرز لهم مكانا للتجمع حيث كانوا يأتون لمقابلة حكامهم والتحدث إليهم.
وبعد حكم الشيخ شخبوط، عرفت المنطقة فترة من التراجع الناجم عن مشاكل دولية، حيث أن الخليج العربي أصبح طريقا تجارية مهمة وأصبح عرضة أكثر من أي وقت لعمليات القرصنة، والحروب البحرية بين القبائل. وفي عام 1820 تم توقيع معاهدة شاملة مع البريطانيين لاسترجاع السلام البحري والتخلص من الخلافات القبلية مقابل اتفاق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجزيرة. وقد تم مراجعة نصوص هذه الهدنة على مدى الثلاثين سنة التي تلت، الأمر الذي أدى إلى توافق نسبي بين زعماء القبائل الذين كانوا يتطلعون إلى إقامة الإمارات المتصالحة.
مبنى الحصن
وفي هذه الفترة، كان الحصن هو الوحيد المبني من الحجارة، بينما السكان الأصليون كانوا يعيشون في أكواخ البرستي، ولكن المنطقة أصبحت تكتسب أهمية سياسية واقتصادية أكبر بفضل الطفرة التي ظهرت في تجارة اللؤلؤ. وقد وسع البناء وصارمهيبا ، حيث توفرت مدافع لحمايته. وفي سنة 1892،عدلت الهدنة الأبدية وأصبحت الإمارات المتصالحة خاضعة لحماية الحكومة البريطانية التي صارت هي الأخرى مسؤولة عن الشؤون الخارجية ولكن مع احترام سيادة مشايخ الإمارات المتصالحة.
كانت بدايات القرن العشرين عصيبة بالنسبة لأبو ظبي حيث توجب عليها في ذلك الحين مواجهة تحديات داخلية وإقليمية. وقد هبت المشاكل في المنطقة مع أحتدام الحرب العالمية الأولى والانكماش الحاد في تجارة اللؤلؤ الناتج عن تطوير اليابان للؤلؤ الزراعي. ومن هنا أصبح السكان يعانوا من قلة فرص العمل.
إلا أنه، وفي الفترة بين الحربين، تم اكتشاف آبار للنفط في الخليج وفي عام 1939، وقع الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان امتيازا للتنقيب الجيوليوجي واغتنام النفط في الإمارات المتوافقة. ومن إيرادات هذا الامتياز بدأ الشيخ في تنفيذ برنامج تطويري كبير حيث قام ببناء حصن جديد حول الحصن القديم بإضافة توسيعات مهمة في الأجنحة الجنوبية والشرقية للحصن وهو ما نتج عنه تخصيص غرف خاصة بالأسرة الحاكمة. وبعد أن تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،، الرئيس السابق لدولة الإمارات العربية المتحدة مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في عام 1966، برحت العائلة قصر الحصن الذي أصبح مركزا إداريا حتى التسعينات. وقد كلف الشيخ زايد اعادة ترميم الحصن بين عام 1976 وعام 1983 حيث تم خلال هذه الفترة تغيير الحدائق الداخلية بصورة ملموسة لتتضمن أرصفة ونوافير مياه وأعمدة إنارة.
إن لقصر الحصن مظهر (حصن يحوي حصن) حيث يطوق الحصن الأكبرالذي تم بناؤه في الأربعينيات، البناء القديم تماما.