حكيت لكم في مقالي السابق عن رحلتي المثيرة لمدينة بخارى الساحرة بدولة أوزباكستان التاريخية ومن قبلها مدينة طشقند، والتي كان من أهم معالمها متحف تيمور لينك، وحديقة حيوان طشقند، بالإضافة لمدينة سمرقند الرائعة، ولقد استمتعت بالرحلة كثيرا وأتمنى أن تكونوا استمتعتم معي بقصة رحلتي كما تمنيت.
اليوم سترون معي واحد من أقدم الآثار في مدينة بخارى وهو ضريح إسماعيل الساماني والذي يعتبر من أهم الآثار في المدينة والذي له وضع خاص جدا. لذلك سأحكي لكم في البداية قصة صاحب الضريح لكي تعرفوا مدى أهميته.
من هو إسماعيل الساماني؟
اسمه الأصلي أبو ابراهيم اسماعيل ابن أحمد الساماني، ويعتبر هو المؤسس الفعلي لدولة السامانيين في بلاد ما وراء النهر، ألى إليه الحكم عام 279هجرية و892 م بعد وفاة أخيه نصر السماني الذي تولي الحكم بعد الأب أحمد الساماني أول أسرة السامانيين. وقد اتخذ من مدينة بخارى عاصمة له، فشهدت في عصره ازدهارا كبيرا وتقدما فكريا وثقافيا.
وقد استطاع بقوته ضم الكثير من الأراضي المحيطة بدولته مثل أراضي خرسان وطبرسان وسجستان إلى ملكه مما جعله محط إعجاب المعتضد خليفة المسلمين العباسي في ذلك الوقت فأعلن اعترافه به حاكما شرعيا لبلاد ما وراء النهر وخراسان. كما قام بتوسيع رقعة حكمة وحدود الدولة الإسلامية كثيرا في القارة الأسيوية فنشر الإسلام وقضى على الوثنية في مناطق كثيرة مما ساعد على تقوية دولته وحمايتها من المخاطر.
كما اشتهر بعدله واهتمامه برعيته ونصره للمظلومين والضعفاء وبخصال الخير والإحسان، مما جعله رغم مرور مئات السنين مازال يحتفظ بسيرته الحسنة بين المواطنين وجعل ضريحه من أهم المعالم في مدينة بخارى.
كما قامت الحكومة في بخارى بوضع نصب تذكاري له في واحد من أكبر ميادين المدينة وهو ساحة أوزدي عام 1999م احتفالا بمرور 1100عام على إقامة الدولة السامانية والتي يعتبر هو مؤسسها.
ضريح إسماعيل الساماني
يعتبر ضريح إسماعيل الساماني من أقدم الأضرحة الإسلامية الأثرية ذات القبة ، وتكمن أهميته في كونه ضريح حقيقي مدفون بداخله صاحبه كما هو موثق تاريخيا، وهو ضريح مبنى من الطوب على شكل مكعب منقوش بالزخارف وتعلوه قبة مميزة، أما جدرانه ففيها بعض الميل للداخل، ويوجد في كل جانب باب خشبي منقوش بزخارف إسلامية ، ويوجد أعلى كل باب صف من عشرة نوافذ منقوشة بعناية، وقد قام إسماعيل الساماني ببناء هذا الضريح في عهده إحياء لذكرى والده ولكي يدفن بجوار والده بعد وفاته.
أساطير حول الضريح
تسبب حب الناس له على الرغم من مرور مئات السنين كالعادة في تحول هذا الحب لنوع من التقديس مما جعل بعض الناس يعتقدون في أنه ولي من أولياء الله الصالحين فأصبح يأتي إليه البسطاء من أماكن بعيدة لكي يحجوا إليه ويطوفوا حول الضريح ثلاث مرات ظنا منهم أن بهذا الشكل ستتحقق أمنياتهم، لذلك عند ذهابي لهناك نصحني الأهالي أن أقوم باللف حول الضريح ثلاث مرات ثم تمني أمنية، لكنني لم أفعل هذا نظرا لأنني لا أعتقد في هذه الخرافات إلى جانب أنني أراها نوعا من اللجوء لغير الله.
لقد استمتعت حقا بزيارة هذا المكان الأثري الجميل كما استمتع الأطفال باللهو واللعب في المنطقة الواسعة حوله، أنصحك أن تضع هذا الضريح ضمن خطتك السياحية عند زيارتك لمدينة بخارى في أوزباكستان.