قصصت عليكم في مقالي السابق رحلتي لمدينة سمرقند أحد أهم مدن دولة أوزباكستان العريقة كذلك رحلتي لطشقند زيارة حديقة الحيوان ومتحف أمير تيمور، ثم زيارة بخارى، والتي رأينا بها سويًا ضريح إسماعيل الساماني ومتحف جاشما أيوب، والتي استمتعت بهم حقا، وأرجو أن تكونوا قد استمتعتم معي.
اليوم سأريكم أحد أهم معالم مدينة سمرقند والتي تمتلئ بالمعالم القديمة الرائعة، سأحكي لكم عن زيارتي لساحة مجمع ريجستان الأثرية الرائعة.
تاريخ ساحة ريجستان
تعتبر ساحة ريجستان من أجمل ما تركته الدولة التيمورية وحكامها الذين تعاقبوا على المدينة، وقد قام بإنشائها الأمير الفاتح تيمورلنك في القرن الرابع عشر لتكون مجمعا للمدارس لنشر العلم والثقافة للارتقاء بأهل المدينة،بعد أن كانت مجرد ساحة واسعة يتجمع فيها الناس لسماع البيانات الملكية ومشاهدة تنفيذ الأحكام العلنية، وقد أهتم بها كثيرا، حفيده ألوغ بيك، والذي قام بنفسه بتأسيس مدرسته الخاصة في الساحة في أوائل القرن الخامس عشر والتي تحمل اسمه حتى اليوم، وقد سميت الساحة بهذا الأسم "ساحة ريجستان" والتي تعني "ميدان الرمال" نظرا لكونها تقع في مركز مدينة سمرقند، ويلتقي عندها ستة طرق رئيسية تمتد كلها لتصل إلى بوابات المدينة، كما كانت تعبر وسط الساحة قناة مائية تخلف ترسبات رملية في الساحة دائما مما كان له السبب في هذه التسمية.
مدارس ساحة ريجستان
يوجد في ساحة ريجستان ثلاثة مباني كبيرة تمثل الثلاثة مدارس الرئيسية وهم:
مدرسة أولوغ بيك
هي أشهر مدارس ساحة ريجستان، وقد أسسها ألوغ بيك حفيد تيمورلنك، وأهتم بها كثيرا لدرجة أنه يقال أنه كان يشارك في بنائها بنفسه وزينها بالفسيفساء والنقوش العربية، وقد ضمت مناهجها علوم الدين مثل الفقه والحديث وعلوم الدنيا أيضا مثل الرياضيات والفلك، وقد قام ألوغ بيك بتدريس الفلك بنفسه في مدرسته، نظرا لكونه عالما فلكيا كبيرا لدرجة أن قام بإنشاء مرصده الفلكي الخاص واخترع بعض الآلات الحسابية الخاصة بعلوم الفلك، وقد انهارت بعض أجزاء المدرسة بسبب الزلازل ولكن قامت الحكومة السوفيتية عام 1922م بترميم المدرسة والساحة كلها وإصلاح ما أتلفه الزمن.
مدرسة شير دار
ويعني اسم المدرسة باللغة الفارسية "ذات الأسود" نظرا لأن مدخلها مزين برسمين كبيرين لأسدين، وقد قام بتأسيسها القائد العسكري "يالا بجتوش بهادر" والذي كان يسمى تيمور الصغير، وأنفق عليها من ماله الخاص عام 1619م. وقد تم تصميمها بشكل يتناسب مع تصميم مدرسة ألوغ بيك، كما تم تزيينها أيضا بالفسيفساء، وكتب عليها حكم ومواعظ بالخط الكوفي مثل" البقاء لله" و"الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل".
مدرسة تيلا كاري
ويعني الاسم باللغة الفارسية " المطلية بالذهب" نظرا لاستخدام اللون الذهبي بكثرة في نقوشها، وقد قام بتأسيسها أيضا القائد العسكري "يالا بجتوش بهادر" عام 1646م، لكي يتم فيها إقامة الصلوات بدلا من مسجد بيبي خانوم الركن الرابع للميدان والذي كان قد تهدم جزءا منه ولم يعد صالحا للصلاة داخله، وقد تم زخرفة المدرسة بالفسيفساء والأرابيسك والزخارف الهندسية والكتابات العربية بالخط الكوفي.
وتطل ساحة ريجستان كلها على بركة ماء عذب رائعة الجمال قام بحفرها حاكم سمرقند "مراق لطيف" عام 1533م لتكون مصدرا للشرب لسكان سمرقند، كما تم تزيين قعرها ببلاط خزفي لامع مبهر جعلها كأنها مرآة كبيرة وسط الميدان.
لا يمكن ألا نزور بي بي خانوم
فإذا كنت تنوي السفر لدولة أوزباكستان العريقة فعليك أن لا تنسى زيارة ساحة ريجستان أحد أقدم المعالم الأثرية في المنطقة والتي وضعت ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
لقد استمتعت حقا بهذه الزيارة الجميلة كما قمت بزيارة ضريح تيمور لنك ومسجد بيبي خانوم الموجودين بالقرب من الساحة واستمتع أطفالي أيضا بالجو المشمس اللطيف وباللعب في الساحة المتسعة الجميلة.