إذا كنت من هواة السفر والترحال وترغب في رؤية كل ما هو مختلف ومميز في العالم، أو كنت من هواة التاريخ والبحث عن الحقب التاريخية الهامة التي غيرت وجه البشرية، أو حتى كنت من هواة زيارة الأماكن الأثرية كقصر الحمراء والأماكن الدينية التي تثير الكثير من الجدل فتعال معنا في رحلتنا لزيارة كتدرائية غرناطة الشهيرة في اسبانيا.
تطرقنا في مواضيع سابقة إلى تاريخ مدينة غرناطة العريقة، التي كانت آخر معاقل المسلمين في الأندلس، ذلك الجزء الهام من الدولة الإسلامية والذي فقده المسلمون بعد ما يقارب من سبعة قرون كاملة، قام فيها المسلمون ببناء دولة قوية أخرجت الأوربيون من ظلام الجهل وعرفتهم على العلوم والفنون والآداب، ولكنها في النهاية انهارت مثل الكثير من الحضارات التي سبقتها بسبب ضعف حكامها وتناحرهم، فسقطت غرناطة وسقطت الأندلس لتعود مرة أخرى جزءا من دولة إسبانيا، تاركة ورائها الكثير من الكنوز الأثرية والحضارية والتي مازال بعضها باقيا حتى اليوم على الرغم من محاولات محو آثار الهوية الإسلامية من الأندلس.
سنحكي اليوم عن آثر إسباني هام يعتبر من العلامات التي تميز المرحلة الانتقالية في التاريخ الإسباني، كما يعتبر شاهدا على محاولات محو الهوية الإسلامية من مدينة غرناطة وهو كتدرائية غرناطة القديمة.
تاريخ كاتدرائية غرناطة
بدأت فكرة بناء الكنيسة بعد هزيمة المسلمين وطردهم من غرناطة مباشرة حيث أصدر الملكان فرناندو الثاني وإيزابيل الأولى قرار بناء الكنيسة عام 1492م، لتكون دليلا على نهاية الدولة الإسلامية في الأندلس وبدء الدولة المسيحية، لذلك تم اختيار مكان بناء الكنيسة ليكون على أنقاض مسجد غرناطة الكبير الذي قاموا بهدمه لتحل الكنيسة محله.
قام بتصميم الكنيسة وقتها المهندس الإسباني إنريكي إيجاس لتجمع بين تصاميم العصر القوطي وتصاميم عصر النهضة في نفس الوقت، وقد وضع حجر الأساس لبناء الكنيسة بين عامي 1513م و1523م ، وقد استغرقت ما يقارب من 181 سنة لاستكمال بنائها. تناوب خلال هذه السنوات عدد من المهندسين لبناء الكنيسة منهم المهندس خوان دي مينا من 1563م وحتى 1571م ، والمهندس خوان دي أوريا 1571م وحتى 1590م وغيرهم.
وقد اتسعت فكرة بناء الكنيسة كثيرا لتصبح أكثر من مجرد كنيسة أو حتى كتدرائية، لكنها أصبحت رمزا لقيام الدولة الإسبانية مرة أخرى، مما جعلها محط اهتمام الملوك الأسبان، ومنهم الملك تشارلز الأول والذي كان مقررا أن يجعلها ضريحا له ولأسرته الملكية، لكن ذلك لم يتحقق، حيث قام ابنه الملك فيليب الثاني بنقل موقع الأضرحة الملكية بأكمله إلى خارج مدينة مدريد.
كما اهتم الكثير منم الملوك بتزيين هذه الكنيسة باللوحات الثمينة والتماثيل، مثل التماثيل النصفية لنبي الله أدم وزوجته حواء، وتماثيل تمثل الملكة والملك إيزابيل وفرناندو بيدرو دي مينا ذ ميدرانو وهما يركعان أثناء الصلاة.
تصميم كاتدرائية غرناطة
تحتوي كتدرائية غرناطة على قاعدة مستطيلة كبيرة تتكون من خمسة بلاطات كبيرة تمثل شكل الصليب، في منطقة مركزية كبيرة، وتحتوي على برجين كبيرين.
وتتكون الكنيسة الرئيسية من عدد من الأعمدة تحملها من القبو وحتى السقف، بالإضافة لمجموعة من النوافذ ذات الزجاج الملون.
أما واجهة الكنيسة فتم تصميمها على شكل قوس النصر، الذي يتكون من ثلاثة أعمدة من الرخام المزين قممها بزهور الزنابق التي تمثل الطبيعة البكر.
زيارة الكاتدرائية
وتستقبل الكنيسة سنويا مئات الآلاف من السياح، وتفتح الكنيسة أبوابها يوميا للزيارة مقابل 2.5 يورو فقط.