جذبت الذكرى الـ400 لرحلة القبطان ديريك هارتوغ، انتباه الكثيرين إلى الجزيرة التي تُعرف الآن باسمه، حيث تعود قصة هارتوج إلى أكتوبر عام 1616 حينما انحرفت إحدى سفن التجارة الهولندية كانت في طريقها إلى جزيرة جاوة، عن مسارها ورست على جزيرة كبيرة وضيقة قبالة الساحل الغربي لأستراليا، ولم يكن القبطان هارتوج أول أوروبي يضع قدماه على الأراضي الأسترالية، ولكنه حسب التاريخ أول أوروبي يزور أستراليا فقد ظهر اسمه على أحد الأوان البيوترية.
وبعد 4 قرون من رسو سفينة إندراخت لصاحبها هارتوج، لا يزال ساحل المرجان مكانًا غير مكتشفًا للأوربيين، إضافة إلى الشواطئ البرية الممتدة ومدن المنتجعات العائلية التي تمتد إلى حوالي 800 ميلًا إلى الشمال من بريث حتى إكسماوث، ومثلما كان هارتوج متلهفًا لزيارة أسواق جاكرتا وأرصفة الموانئ، يتشوق السائحون اليوم أيضًا إلى زيارة أجمل بقاع الساحل الأسترالي، مثل طريق المحيط العظيم في ولاية فيكتوريا، ومدينة غولد كوست في كوينزلاند، والحاجز المرجاني العظيم وخليج بايرون، وشاطئ بوندي الخلاب، وجزيرة تسمانيا، وشواطئ ملبورن وأديلايد الحضرية، وإلى الجنوب عند واينلاندز في نهر مارغريت.
لقد زُرت هذه الأماكن، لكن جمال وفضاء ساحل المرجان يضاهي أي مكان منها، حيث يضم ساحل المرجان على جزر أبرولهوز في المحيط الهندي، والتي تبعد عن مدينة غيرالدتون بحوالي 40 ميلًا، أي حوالي أربع ساعات من شمال بريث، وتعتبر هذه الجزر محظورة على الجميع ما عدا الصيادين ومستوردي سرطان البحر وأحيانًا طهاة برامج الطبخ، لكن الآن بدأت الرحلات الجوية المستأجرة في زيارة هذا المكان حتى غيرالدتون.
وتحلق الطائرة في البداية فوق بحيرة وايغين، وهي بحيرة وردية مغطاة بالطحالب البحرية، وهي فرصة رائعة لالتقاط الصور، ثم تتجه غربًا عبر بحري أكوامارين وغايد، ثم تهبط على جزيرة والبي الشرقية، وهي أحد أكبر الجزر التي يبلغ عددها 122 جزيرة، ثم تلوح في الأفق مغامرة هادئة، حيث نتناول الطعام في السقيفة الرئيسية على الشاطئ، ونذهب في نزهة قصيرة لاكتشاف النسور والشِماط في الساحل، ونتوقف برهة لمشاهدة الولاوب وهي تستكشف الأشجار.
لم تدفعني الهدوء والطبيعة فقط إلى زيارة جزر أبرولهوز. فقد كنت أتشوق إلى رؤية مكان أحداث رواية "أشباح غاضبة" للكاتب هيو إدواردز والتي ذكر فيها تفاصيل مذبحة المتردمين بعد تحطم سفينة باتافيا عام 1629، وهي الرواية التي اشترت حقوقها شركة راسل كرو للإنتاج السينمائي، وبالعودة إلى البر الرئيسي وجاذبية "الغرب الأوسط" الأسترالي المليء بالأماكن التاريخية وأقدمها مرتفعات جاك، داخل شمالي شرق غيرالدتون. وتعتبر هذه المرتفعات مصدرًا لأقدم زركون في الأرض، حيث عثر عليه ضمن مجموعة من الصخور الرسوبية.
وعلى الرغم من ذلك فهي ليست البقعة الجيولوجية الساحرة الوحيدة في المكان، فقد كان من الصعب اجتياز رحلة الـ270 ميلًا بالسيارة من غيرالدتون إلى شبه جزيرة مانكي ميا في شارك باي شرقي جزيرة ديرك هارتوغ. في المياه الضحلة في بركة هاملين، حيث الصخور الرسوبية "ستروماتوليت".
وبحلول المساء، ذهبت بالسيارة إلى منتجع مدينة دينهام للصيد، على الجانب الآخر من مانكي ميا, وهناك تلصصت بحذر كي أشاهد النعام والكانغارو، وبعد ذلك بعشر دقائق، كنت في ليتل لاغون جالسًا على الرمال يحيطني الظلام من كل اتجاه، حيث يمكنك الذهاب إلى ساحل بيغ لاغون عبر سيارة دفع رباعي في حديقة فرانسوا بيرون الوطنية، لكن الساحل مغلق في الوقت الراهن، وسيتم افتتاحه حالما يتم ترميم مركز الزائرين، ويمكنني أن أوضح لك عدد الشواطئ والتجارب المتنوعة التي يمكنك خوضها في هذا المكان.
ويمكنك هناك مشاهدة القواقع البحرية في شاطئ شل الأبيض والتي توجد على عمق 10 أمتار، وفي خليج شارك أو "أسماك القرش" وهو اسم مخيف حقًا، توجد أنواع قرش صغيرة تسمي أسماك القرش العصبي، والتي دائمًا ما تزعج الناس هناك في المياه الضحلة، أما في أكثر الأماكن استقبالًا للسياحة، في شبه جزيرة مانكي ميا، توجد أنواع من إناث الدلافين تنمحك فرصًا رائعة لالتقاط الصور، وبمجرد مغادرة السائحين يصبح المكان هادئًا للغاية.
وعلى الرغم من ذلك لا توجد أماكن فخمة للإقامة في ساحل المرجان، ففي حديقة دونغارا السياحية توجد شاليهات بسيطة مطلة على كثبان الرمال. يمكنك الإقامة في أحدها بتكلفة 60 يورو في الليلة الواحدة. أمام منتجع دلافين مانكي ميا فهو يتفوق على غيره لكن الإقامة هناك ليست مريحة، وبالنسبة لي لم أكن أبحث عن شيء فاخر، لكن الفنادق الموجودة في غيرالدتون وخليج شارك كانت على طراز التسعينات، لذا يلجأ العديد من السائحين إلى الإقامة في سيارات للعيش.