حطيب حراز.. قرية المطر يهبط من أسفلها.. جائوا من مصر للهند ليعيشوا فوق السحاب
هل سمعت يومًا عن قرية حطيب حراز، في الأغلب لم تسمع، فالقرية الواقعة في اليمن فوق سلسلة من الجبال في منطقة حراز.. ولكن أهم ما يميز هذه القرية هو أنها تقع حرفيًا فوق السحاب.
عندما تطل من شرفة بيتك لن ترى المطر بل السحاب
تخيل أنك تفتح شرفة بيتك لتشاهد منظر طبيعي جذاب ولكن لن يكون هذا المنظر بحر أو بحيرة أو نهر أو حتى الأمطار تسقط فوق حديقة غناء، بل سترى أمامك السحاب يسير ببطء، فأغرب ما يحدث في حطيب هو وقوع القرية في أعلى قمة الجبال، والواقع أن ارتفاع الجبال قد تجاوز السحاب لذا فأهل القرية لا يستطيعون أن يروا ما يحدث فوق الأرض فمدى رؤيتهم هو السحاب كما أن القرية تعاني من قلة المطر فأغلب المطر يمطر من أسفل القرية للأرض فلا تنال القرية إلا الشمس.
أهل حطيب جائوا من مصر ورحلوا بسبب صلاح الدين
أهل هذه القرية المبدعة التي تكونت عام 1050 تقريبًا، جائوا من الأساس من مصر فهم يتبعوا طائفة البهرة وهي طائفة تنتمي لشيعة الإسماعيلية، وهكذا عاشوا في مصر في فترة الدولة الفاطمية، ومع دخول صلاح الدين الأيوبي وانتهاء العصر الفاطمي قرروا الرحيل، وقد نزح أغلبهم للشرق الأدنى حتى وصلوا إلى جنوب الهند وهناك تبلورت اعتقادات الطائفة إلا أنهم رحلوا للمرة الثانية لليمن.
لم يجدوا أنفسهم وسط أهل اليمن فنزحوا للسماء
الأغلبية من أهل اليمن كانوا سنة، لذا وجد البهرة أنفسهم أبعد ما يكون عن أهل المدن لذا فقد نزحوا للجبال ليتجمعوا سويًا ويكونوا قرية واحدة كل سكانها من البهرة وهي قرية حطيب.
إبراهيم الحمداني الإمام المقدس لدى حطيب
مع نزوح البهرة لليمن علا نجم إبراهيم بن حاتم الحمداني الذي تمكن أن تأسيس مكانا لهم على واحدة من جبال حراز في بداية القرن الثاني عشر، الذي عرف بعد ذلك باسم قرية الحطيب، وقد كان الحمداني الإمام لأهل المدينة والمرشد الروحي، وبعد وفاة الحمداني في 1162، أصبح شخصًا كان مقدسا بالنسبة لهم، لذلك دفنوه داخل متنزه وأقاموا فوقه مسجد ومقام وأصبح مزار عالمي يحج إليه كل من ينتمي للبهرة في العالم، ويزوره هواة السياحة والمعرفة.
البهرة علاقتهم بالدولة "سيب وأنا أسيب"
الواقع أن المواطنين اليمنيين لم يكونوا فرحين بتواجد طائفة البهرة بينهم، وكذلك الدولة والحكومة اليمنية خاصة في ظل فترة الرئيس علي عبد الله صالح، إلا أن اتفاق ضمني قد تم بينهم في النهاية وبين حكومة صالح بأن يترك أهل حطيب بلا مشاكل بشرط ألا يتدخلوا في الشؤون السياسية في تطبيق لسياسة "سيب وأنا أسيب" الشهيرة.
لا ماء لا صحة لا كهرباء لولا الشيخ برهان
على الرغم من ترك الحكومة اليمنية لحطيب الحرية في البقاء، إلا أن القرية بقت ككل قرى منطقة حراز بدائية بلا كهرباء أو ماء نقي أو تعليم وطرق وصحة حتى ظهر "محمد برهان الدين" والذي أعتبر الداعية الوحيد المعتمد حديثًا لطائفة البهرة. فبرهان الدين رجل غني جدا، مسلم من البهرة يعيش في الهند، وهكذا قرر أن يدعم حطيب، وبعد وفاته في يناير 2014، وواصل ابنه ما كان يفعله، فهو يزور القرية كل 3 سنوات ليبقى بها فترة ويقام بإدخال الكثير من الخدمات في القرية مثل الكهرباء والمياه والحدائق والفنادق والنباتات والبنية التحتية ومساعدة الفقراء في القرية، في مقابل اعتباره الداعية الأوحد للبهرة.
برهان يوقف القات ويزرع البن "أهو كله كييف"
اعتاد أهل حطيب على زراعة نبات القات، سواء للاستخدام الشخصي أو للتجارة، ولكن برهان بدء في أفناع الأهالي بالتوقف عن زراعة القات وزراعة البن بدلا عنه، وهي التجارة الشرعية التي بدأت في دعم أهل القرية.
القرية لا ترحب بالأغراب فلا تذهب لتقييم هناك
يوجد بالقرية فندقين معروفين ولكن القرية لا ترحب بالأغراب من خارج طائفة البهرة للإقامة هناك، فالفنادق لا تقبل الإقامة بها إلا لمن كان ينتمي لطائفة البهرة فقط، وكذلك مسجد القرية لا يمكنك أن تثلي هناك إلا إذا كنت من البهرة وهم كذلك لا يعترفون بالصلاة في مساجد أي طائفة أخرى، لذا فإن لم تكن من البهرة فلا يمكنك أكثر من زيارة القرية لعدة ساعات كسياحة دون المبيت على أرضها.
اللون الأسود غير مستحب فهو يستجلب الحداد
النساء في القرية يرتدون زي من قطعتين مع خمار ملون، ولا يرحبون مطلقًا بالملابس السوداء فهم يعتقدون أن ارتداء الملابس السوداء سيجلب الحداد والحز، بينما يعتمر الرجال دائمًا طواقي بيضاء، ولا يقوم البهرة بتغطية وجه النساء الا المتزوجات بينما الفتيات لا يسمح لهم بارتداء غطاء الوجه.
لكي تعرف دينك يجب أن تصل لسن الـ25
كذلك فإن التعاليم الدينية الدقيقة للطائفة لا يرحب البهرة بعرضها أو إذاعتها، بل إن الشاب من البهرة لا يتعرف على تفاصيل طائفته إلا بعد أن يبلغ سن 25 سنة للتيقن من حقيقة إيمانه أولا.
أماكن سياحية حول العالم
الصخرة المعلقة في النرويج على ارتفاع 300 طابق لسيلفي مرعب