أنفاق الموت في باريس
من منا لايتمنى الذهاب لمدينة الحب باريس ، و رؤية ضفاف السين الرقراقة ،و المقاهي العالمية و المتاحف و المسارح و حدائق في غاية الروعة ، و الإستمتاع بجمالها فهي رمز الأناقة و الرقي ، بالرغم من هذا كله مدينة باريس لديها وجه أخر غائب عن أذهان الكثيرين المتمثل في أنفاقها و سراديبها التي أطلق عليها (أنفاق الموت ) أو (الكتاكومبوس) ، فباريس ليست مدينة النور فقط والظلام أيضاً .
نبذة تاريخية
بعد رحيل الرومان من (لوتيتيا) الإسم القديم لباريس ، ثم سيطرت قبائل الغال عليها و أسمتها باريس نسبة لإسم القبيلة ، فهزمهم الفرنك وغزوها و أحتلوا عدة مدن مجاورة حتى فرضوا سيطرتهم على فرنسا كلها ، وبعد تنصيب الملك كلوفيس الأول أتخذ باريس عاصمة لمملكته ، وبسبب توسع المدينة و أحيائها تم إغلاق المحاجر المفتوحه و الحفر تحت سطح الأرض بعمق 300متراً عن سطح الأرض ، لإستخراج الحجر الجيري و الجبس لبناء سور للمدينة ، لكن المشكله أن طريقة الحفر كانت عشوائية ، و عندما تشعبت الأنفاق تحت المدينة شكلت خطراً هائلاً على المدينة بل إن بعض الأحياء تخسفت بسبب هذه الأنفاق ،فتم إصدار إرادة ملكية توقف العمل بالإنفاق بل و ردم جزء كبير منها للحفاظ على باريس ، و منذ ذلك الحين و أصبحت هذه الممرات المظلمة و السراديب مهجورة لفترة كبيرة من الزمن حتى قيام الثورة الفرنسية عام 1789م ، التي قامت بسبب العديد من المشاكل على رأسها بل و أهمها تراكم جثث و بقايا الموتى ، حيث كان الفرنسيون يدفنون موتاهم في مقابر متفرقة حول المدينة ولكنها ضاقت بموتاهم .
تم افتتاح على إثرها مقبرة القديسين الأبرياء التي تحولت الى مشكلة كبرى ، حيث كان الدفن عشوائياً و كانت تدفن الجثث فوق بعضها بل إن بعضها دفن دون كفن ، و حتى وصل إرتفاعها لأكثر من 25 متراً ، و استاء الفرنسيون من هذا الموضوع بسب قرب السوق المركزي من هذه المقبرة و الرائحة النتنة كانت لا تطاق و وصول التلوث لمياه الشرب في الآبار و تفشي الأمراض المعدية في باريس ، و مما زاد الأمر سوءً هو انهيار جزء من جدار المقبرة نتيجة الجثث المضغوطة و المكدسة وفوجئ الناس بالجثث المتعفنة و بقايا بعض الجثث في الشارع مما نتج عنه انشار وباء أودى بحياة أخرين ، إقترح نقل الجثث إلى الأنفاق المهجورة و الإستفادة منها بعد الثورة الفرنسية ، ولكن نقل هذه الجثث لم تكن بالمهمة السهلة فنحن نتكلم عما يقارب ستة ملايين جثة و بعض المصادر تذكر أنهم سبعة ملايين جثة ، وكثرة هذا العدد ليس طبيعياً فقد مرت فرنسا عبر تاريخها بالعديد من الحروب و المعارك ، خاصة في فترة النزاع الديني ولكنه نزاع سياسي في الأصل الذي أستمر لأكثر من ثلاثة عقود ، و أشهر هذه الأحداث هي مذبحة سان بارثلميو في شهر أغسطس عام 1572م ، فقد قتل الفرنسيون الكاثوليك ما يقارب من 20 ألف فرنسي بروتستانت في باريس فقط ، فقد تم تسليح الأهالي الكاثوليك وربط وشاح أبيض على الذراع الأيسر كعلامة بينهم ثم خرجوا عليهم في منتصف الليل حين دق جرس القصر وهذه كانت الإشارة بالهجوم ، وحدث حالة من الجنون الهستيريا الجماعية فلم يكتفوا فقط بالقتل بل وصلت حالة الجنون الى التمثيل بالجثث و تقطيعها إرباً ، وهذا مثلاً فقط للمعارك التي خاضتها فرنسا أدت إلى كثرة عدد الجثث لهذا الحد .
كدست أيضاً الهياكل العظمية في الأنفاق بعشوائية دون عناية ، حتى إقترح المهندس لويس دي توري ترتيب الهياكل بإسلوب مختلف وتمت الموافقة على هذا الإقتراح و تعيينه مشرفاً على هذا المشروع ، وتم الإنتهاء منه بشكله الحالي وليس هذا فقط فقد أصبح مزاراً سياحياً لابد من زيارته عند الذهاب إلى باريس .
عند نزولك الى المقبرة ستمر بالرواق المظلم الطويل ، سوف تجد لوحاً حجرياً كتب عليه بالفرنسية ( قف ، هذه إمبراطورية الموت ) ، و بمجرد دخولك ستشعر انك فعلاً في مملكة هاديس السفلية ، و لن ترى إلا الجماجم و بقايا الهياكل تحيط بك من كل إتجاه ، حينها سيخفق قلبك رعباً .
و أحد الكتاب الأمريكيين بإنه لو بحثنا في الكاتاكومبس سوف نجد باب الجحيم ،لذلك إحذر من التوغل في هذه الأنفاق ، فمن يتوغل بها يفقد ولا يستطيع العوده مرة أخرى ، كالرجل الذي ضاع بها عام 1937م و يسمى فيليبيرت و تم إجاد جثته بعد 11 عاماً و كانت قريبة من أحد المخارج ، و ايضاً هناك بعض الروايات من الزائرين التي سمعوا أصواتاً تستغيث و تطلب المساعدة ، و من الممكن أن تشعر بوقوف أحد خلفك ، أو الشعور بنسمة من الهواء البارد ، و يجب أن تعرف أن هذا المكان مصنفاً ضمن أكثر 10 أماكن رعباً حول العالم .
لاتنس إحضار سترة معك لأن درجة الحرارة تكون منخفضة نسبياً ، و أعلم ان هناك أبواب صدئة مغلقة لايسمح بدخول السائحين إليها .
الموقع
منطقة رول تانجي بباريس شمال فرنسا
ساعات العمل
من الأحد إلى الثلاثاء
بدايةً من الساعة 10 صباحاً حتى الساعة الخامسة مساءً .
التكلفة
رسوم دخول الفرد : 11 دولار .
و يمنع منعاً باتاً دخول الأطفال
الفنادق القريبة من إمبراطورية الموت
ريزيدنس ألما مارسيو : فندق مجهز على أعلى مستوى ، غرفه فاخرة مريحة تشعر وكأنك في منزل مجهز بالكامل ، شرفات مفروشة بإطلالات متميزة .
سيسيل هوتل : لأصحاب الميزانية المحدودة ، يوفر الفندق الخدمات العادية مع الراحة و الخصوصية ، فهو حاصل على نجمتان .