لمحة جغرافية
رومانيا هي بلد تقع في ألجزء ألجنوبي ألشرقي من أوروبا ، و تعتبررومانيا ألاكبر حجماَ و ألأكثر عدداَ بالسكان .
و قد يبدو ممن ألمستغبر لشخص لايعرف تاريخ رومانيا جيداَ مقارنةَ مع من يدرك تماماَ حقائق ألتاريخ في هذا ألبلد و ما أنجزه ليستمر في جوار مضطرب و غير مستقر كما في دول ألبلقان ،
لقد كان موقع و موقف رومانيا في ألقارة ألأوروبية نعمة و نقمة على حد سواء بالنسبة لشعب رومانيا ، فهي نعمة بسبب أن معظم ألطرق التجارية عبر أوروبا تمر من رومانيا ألتي تمتلك منفذاَ بحرياَ هاماَ على البحر ألأسود في ألجزء الجنوبي ألشرقي منه ،
ألتضاريس في رومانيا متنوعة و موزعة بشكل متوازن ، و يمكن أعتبارها هبة الطبيعة فإن خط ألعرض 45 يقسم رومانيا ألى نصفين فإن الطقس في رومانيا يعتبر معتدل قارياَ و يتألف من أربع فصول في ألسنة بكمية معتدلة من ألمطر ، و تغطي الجبال 33% من ألتضاريس أما الهضاب و التلال تشكل حوالي 31% أما السهول تشكل 36% من ألتضاريس و هذا ملائم لأغلب ألزراعات مثل : القمح و الذرة و الارز و اللفت و الشوفان و أشجار الفاكهة مثل الكرمة و يمكن زراعة ما سبق في أي مكان برومانيا .
أما من حيث الثروة الباطنية ، فأراضي رومانيا مباركة مليئة بالنفط و الغاز الطبيعي و الثروات المعدنية من ذهب و فضة و يورانيوم ولاسيما في جبال الكاربات الغربية ، مع تنوع هائل بالغابات التي تغطي سفوح الجبال ، مع وجود شبكة هائلة من الجداول و الأنهار و التي تعتبر بشكل مباشر أو غير مباشر روافد نهر الدانوب .
و تعتبر لعنة بسبب أن هذه الحالة مرتبطة بألقوى ألمجاورة ألتي لطالما حاربتها رومانيا في سعيها الحثيث للحرية و من اجل المحافظة على ثرواتها التي كانت مطمع من قبل دول الجوار الاجنبية ، ففي القرون الوسطى كان يوجد على الاراضي الرومانية ثلاث إمارات مختلفة تدار بقوانين مختلفة و بوجود الروابط التاريخية و الدينية و الثقافية المشتركة ارادت هذه الإماراات الإتحاد لتشكيل دولة واحدة ، و الإمارات هي :
ترانسيلفانيا ،في الشمال الغربي و محاطة بقوس من جبال الكاربات ، و مولدافيا في الشرق ، و ولاشيا في الجنوب ، و مع ذلك بقى هذا الحلم صعب المنال لقرون عدة فالقوى الكبرى المحيطة بهذه الإمارات كانت مهتمة فقط بنهب خيرات هذه الإمارات ، فكانت كل من روسيا القيصرية في الشرق و الإمبراطورية العثمانية في الجنوب و المملكة الهينجارية ، من اشد المعارضين لقيام هذه الوحدة .
و على مر التاريخ خاضت هذه الإمارات حروب عديدة دفاعاَ عن الوجود و الهوية من الزوال إلا انهم تمكنوا من الحفاظ على استقلالهم الذاتي بشكل كبير او صغير من خلال بعض التنازلات السياسية .
لم يقف الغزو العثماني عند الإمارة الجنوبية من البلاد على الرم من تاثيرهم القوي على الحياه السياسية و أنه قد جرى دفع الجزية سنوياَ لضمان حد ادنى من الحريات دون مساس ، فإن الغزو تعدى لبلغاريا في القرن الرابع عشر و لمدة 500 عام ، و لكن بشكل او بأخر لم تعاني اي من الامارات الثلاثة مما عاناه الشعب البلغاري .
فقد تعرض الشعب الروماني للإضطهاد الديني من قبل المملكة الهنجارية و منعوهم من إقامة مدارسهم او تنظيم انفسهم بأي شكل من الاشكال و قد تمكن الرومانيين في ترانسلفانيا من نيل حقوقهم كمواطنين حيث تم الاعتراف بهم ، اما مولدافيا فكانت تحت التأثير العثماني الذي اصطدم بمطامع روسيا القيسرية التي غلب تأثيرها لبعض الوقت .
المرة الاولى التي شعر بها الرومانيين بانهم باتوا اقرب الى تحقيق حلمهم ئن كانت عام 1600 عندما قام حاكم مولاشيا و يدعى مايكل الشجاع العمل على توحيد الإمارات الثلاثة تحت سلطته ،
و على الرغم من أن فترة حكم مايكل الشجاع كانت قصيرة غلا انه اول من وحد الإمارات الثلاثة .
في عام 1859 نجح الامير اليكساندر لوان كوزا في توحيد مولدافيا و ويلاشيا حيث انتخب حاكماَ لهما و هذه المحاولة الناجحة تقدمت اكثر لتصبح وحدة بشكل نهائي ، و ابتداءَ من عام 1862 اخذت هذه الدولة المشكلة حديثا بأسم رومانيا و بعد حوالي سبع سنوات أجبر كوزا على التخلي عن العرش لانه اصبح دمية تدار بيد الارستقراطيين الجشعيين (البويار) اللذين بقوا يفضلون الاتراك على ما سواهم .
و مع بدايات عام 1866 ، بدأت الحقبة الأكثر غرابة في تاريخ رومانيا ، حيث تم جلب أمير أجنبي ليحكم البلاد و هي على شفا حفرة من الحرب و الكوارث ، حيث أعتبر أبرز السياسيين الرومانيين و هو براتيانو أنه الملاذ الأخير ، حيث لعب الدور الأبرز في تدبير عملية جلب أمبر أجنبي يحكم البلاد ، حيث تم إعطاء عرش رومانيا للملك كارول الأول حيث بذل الكثير من الجهد لتجاوز صعوبات بالغة لتحقيق ذلك ، فهو أمير ألماني ينحدر من أهم العائلات الأرستقراطية فيما كان يعرف حينها بروسيا ، و لكن التزامه براعاياه الجدد كان لملهم لجميع الرومانيين أينما وجدوا ، و بعد مرور 48 عاماً من حكمه و بفضل شجاعته و إخلاصه و عبقريته تمكن من انجاز الاستقلال لرومانيا في 19 مايو 1878 بعد مشاركو رومانيا في الحرب الروسية التركية ، و حينها شهدت البلاد طفرة في الحياه الإجتماعية و الإقتصادية ووضعتها بين مجموعة مختارة من الدول الأوروبية ، و بعد الاستقلال تطلع الشعب الروماني لأبعد من ذلك .
و بعد وفاه الملك كارول سنة 1914 ، قرر وريثه الملك فيرناند الأول و زوجته الملكة ماري أن على رومانيا الدخول في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا عام 1916 .
و في عام 1918 و بعد هزيمة ألمانيا , عملت رومانيا على الاتحاد بترانسلفانيا لتحقيق الحلم القديم و هو الإتحاد الكامل .
في الأول من ديسمبر عام 1918 ولدت رومانيا العظمى حيث أتحدت مع جميع الأراضي الرومانية في دولة واحدة مستقلة .
إبان الحرب العالمية الثانية خسرت رومانيا بعض الاراضي لصالح كل من روسيا و بلغاريا ، و بالرغم من ذلك كانت رومانيا مكونة من الامارات الثلاثة المتحدة .
ثم انضمت رومانيا الى معسكر الدول الشيوعية و بقيت خلف الستار الحديدي لمدة 42 سنة أعادتها حوالي 50 سنة الى الوراء مقارنة مع الدول الاوروبية الغربية ، فوجود رومانيا بالمعشكر الشيوعي ابعدها نسبيا عن التأثير الغربي و الروسي الذي ثبت ضررة لمختلف نواحي الحياة .
و أهم ممثل للشيوعية في رومانيا هو الديكتاتور سئ السمعة تشاوشيسكو الذي حكم البلاد لمدة 24 عام مع العلم ان أواخر سنوات الستينات و السبعينات لم تكن سيئة أما سنوات الثمانينيات أطلقت برأسها الفبيح و بلغ جنون العظمة حتى عام 1989 حيث انطلقت ثورة عارمة في رومانيا ضد النظام الشيوعي و ذلك في 16 ديسمبر و انتهت في 22 ديسمبر بالنصر ، فأصبحت حرة من النظام الشيوعي و يمكنها ان تسلك مساراً مختلفا وهو المسار الديموقراطي .
وذلك لم يكن بالأمر السهل ، فبعد عشر سنوات تم إحراز تقدم ملحوظ من قبل الجميع ، و منذ عام 2004 أصبحت رومانيا عضواً في حلف الناتو و تشارك بنشاط مع حلفائها الجدد ، و في يناير 2007 أصبحت رومانيا عضواً في الإتحاد الأوروبي و ذلك للتقذيرات الكبيرة و الاصلاحات التي مرت بها البلاد ، بالرغم من انها لم تكتمل بعد و لكنا تسير على النحو المخطط لها و الناس متفائلون بشأن المستقبل .
اللغة
الحقيقة الأغرب حول رومانيا أنها لاتينية ، و التي تعني الجزيرة الاتينية في البحر السلافي ، هذا ما أعتادوا أن يدعوا به رومانيا في الأزمنة القديمة ، فقد كان التراقيون وفقا لهيرد دوت هم أكثر تعدادا بعد الهنود في شبه جزيرة البلقان ، و شمال نهر الدانوب ، و قد كان رجال هذه القبيلة الكبيرة مشهورين بجدهم و مثابرتهم في العمل بالاضافة لكونهم مقاتلين حسورين في ذلك الوقت و دعوا اولائك الذين استوطنوا شمال نهر الدانوب إما داشتين ، من قبل كل من اليونانيين أو الرومانيين على التوالي و اولئك الذين يعتبرون الرومانيين على أنهم أجدادهم .
في القرن الاول قبل الميلاد ، تمكن أحد أمراء الحرب بالتوحيد قبائل الداتشين شمال نهر الدانوب في دولة قوية باتت تهدد مصالح الامبراطورية الرومانية في هذه المنطقة ، و في بداية القرن الثاني الميلادي أضطر الرومان بقيادة الامبراطور تراجان مهاجمة دولة التادشين بأعتبارها مصدر خطر على مصالح الرومان ، و قد نجحوا في قهر دولة الداتشين في حربين الاولى كانت بين عامي 101-102 ، و الثانية كانت بين 105-106 .
و لما قارب ال200 عام حفظ الرومان على قيضتهم القوية في هذه البقعة من الارض محرزين تقدما ملموسا في مختلف مناطق تواجد الداتشين ، و لكن تقهقر اورليان لمرة واحدة عام 273 كانت كافية لتسقط قيضتهم عن هذه الدولة ، و قد عملوا ليبقى الجزء الجنوبي الشرقي من داشيا تحت قبضتهم لأربع قرون قادمة كجزء من مقاطعة رومانيا كما و بقت المستعمرات اليونانية عند سواحل البحر الاسود تابعة لهم أيضا ، و قد ثبت أن التاثير الروماني على السكان الاصليين كان أقوى بكثير مما يمكن أن يتوقعه أحد فالعديد من المواطنين الرومان و قدامى المحاربين الذين تزوجوا من نساء محليات و على مر القرون من التفاعل قد زرعوا بذور جيلا حديدا من الناس هم الرومانيين .