أبدأ البحث

جزيرتي ديوميد.. جزيرة الغد وجزيرة الأمس

 جزيرتي ديوميد.. جزيرة الغد وجزيرة الأمس
 

جزيرتي ديوميد ... جزيرة الغد وجزيرة الأمس

هل تتخيل أن يكون بين اليوم وغدًا 3 كيلو متر فقط؟ جزيرتي ديوميد ... جزيرة الغد وجزيرة الأمس، يحققوا هذه الفرضية حيث لا يقاس الوقت بالساعات بل بالكيلومترات.

الجزيرتين من الجزر الصخرية، تقعا في منتصف مضيق بيرينغ وهو مضيق يربط المحيط المتجمد الشمالي ببحر بيرنغ ويفصل بين قاراتي آسيا وأمريكا الشمالية في أقرب نقطة لهما، أي بين ألاسكا الأمريكية وسيبيريا الروسية.

ما هما جزيرتي الغد والأمس

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

 تسمى الجزر الكبيرة منهما جزيرة تومورو أو غدا (جزيرة ديوميد الكبرى) وتقع في الأراضي الروسية، بينما الجزيرة الصغيرة تسمى جزيرة ياسترداي أو الأمس (جزيرة ديوميد الصغرى) وتقع في أراضي الولايات المتحدة، يفصل بين الجزيرتين خط زمني من ما يجعل الفارق الزمني بينهما هو 21 ساعة، إلا أن المسافة بينهما 3.8 كيلومترات فقط.

وتفصل المياه بين الجزيرتين عن طريق الحدود البحرية للبلدين، ويطلق على الممر المائي بينهما اسم "الستار الجليدي" ، والذي يشير للحرب الباردة السابقة بين روسيا وأمريكا بأكثر من ما يشير  إلى المناخ.

جزيرتي ديوميد، جزيرة الغد / جزيرة الأمس

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

الجغرافيا تخبرنا ما هي أقرب دولة للولايات المتحدة ولا تشترك معها في حدود برية فعلية؟ سنجد الجواب المفاجئ: روسيا! وستفاجئك المسافة أكثر فالولايات المتحدة وروسيا تفصل بينهما أقل من أربعة كيلومترات! ذلك أن جزيرتي ديوميد أقرب كتل اليابسة بين الولايات المتحدة وروسيا، فلأن الأرض كروية تلتقي أمريكا وروسيا في هذا الجزء من الدائرة ليصنعا هذه الإعجوبة.

جزيرة الغد / جزيرة الأمس

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

ما يجعل جزيرتي ديوميد جزر مثيرة للاهتمام في هذه الحالة هو أن ديوميد الكبرى هي ملكية روسية، بينما ديوميد الصغري هي جزء من الولايات المتحدة، يبلغ طول ديوميد الكبرى حوالي 8 كيلومترات، ويبلغ طول ديوميد الصغري أقل من نصف ذلك بقليل، كلا الجزيرتين بركانيتان، يبلغ ارتفاع كلاهما حوالي 500 متر فوق مستوى سطح البحر.

سكان جزيرتي الغد والأمس

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

العيش في جزيرتي ديوميد، جزيرة الغد / جزيرة الأمس، مثير للتناقض حيث أن كل جزيرة مرئية من الأخرى، فمن يقف على أحدهما يرى بوضوح الأخرى ولكن من الصعوبة السفر من إحداهما للأخرى نظرًا لتشديد القوانين.

روسيا تعتقل سكان الجزيرة الأمريكية

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

لا يوجد حاليا سكان في ديوميد الكبرى الروسية، وقد وجد عليها في السابق قاعدة عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت مأهولة بالسكان، لكن تم إجبارهم علي المغادرة خلال الحرب الباردة من قبل روسيا لتجنب اتصالهم بأمريكا عبر الحدود.

وفي خلال الحرب الباردة كانت القوات الروسية تقوم بإلقاء القبض على أي من سكان ديوميد الصغرى الأمريكية الذين ضلوا طريقهم عبر المياه بالقرب من ديوميد الكبرى وأسرهم باعتبارهم جواسيس.

اليوم لا تحوي الجزيرة الروسية سكان دائمون لكنها موقع محطة أرصاد جوية روسية وقاعدة لقوات حرس الحدود الروسية

 100 مواطن فقط في الجزيرة الأمريكية

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

أما ديوميد الصغرى الأمريكية يعيش فيها ما يقرب من 100 شخص حاليا مع كنيسة ومدرسة، حيث يعيش مواطنو ديوميد الصغرى أسلوب حياة أقرب للكفاف، فهم يجمعون الأسماك وسرطان البحر، ويصطادون الحيتان البيضاء، والفقمات، والدببة القطبية، وتأتي معظم الإمدادات من توصيل البارجات السنوي من البر الرئيسي من متاجر مثل وول مارت، ويعمل عدد قليل من السكان في الحكومة المحلية أو المدرسة.

حكاية جزر الغد والأمس

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

كانت جزيرتي ديوميد، جزيرة الغد / جزيرة الأمس مأهولتين في الأصل منذ 300 عام، كان أول أوروبي وصل إلى الجزر هو المستكشف الروسي سيميون ديزهنيوف في عام 1648، وبعد ثمانين عاما، أعاد الملاح الدنماركي فيتوس بيرينغ اكتشافها في 16 أغسطس 1728، وهو اليوم الذي تحتفل فيه الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بذكرى القديس الشهيد ديوميدي، وعندما اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من روسيا في عام 1867، شملت ديوميد الصغرى، وتم ترسيم الحدود الجديدة بين جزيرتي ديوميدي وتركت ديوميد الكبرى لروسيا.

جغرفيا جزيرتي ديوميد

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

مسطحتان، ومنحدرتان، ومعزولتين للغاية بسبب موقعهما، والمياه حولهما هائجة، والضباب مستمر يحيط بالجزر خلال الأشهر الأكثر دفئا فمتوسط درجات الحرارة في الصيف على الجزر حوالي 4 إلى 10 درجات مئوية، أما خلال فصل الشتاء المتجمد، حيث يمتد الجليد وتتسرب أحيانا كتل الجليد المتحركة في المياه المفتوحة لتشكل جسرا جليديا يربط بين الجزيرتين حيث يتراوح متوسط الحرارة بين - 15 و -20 درجة مئوية، في مثل هذه الأوقات يمكن للمرء أن يسير عمليا بين الولايات المتحدة وروسيا فوق الجليد، بالطبع هذا فقط من الناحية النظرية، حيث عبور مضيق بيرينغ بين الجزيرتين غير مسموح به قانونا.

عندما تتطلع للغد حرفيًا

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

سبب تسمية جزر ديوميد بجزر الغد والأمس شيء مثير للاهتمام فخط التوقيت الدولي يمتد بينهما، لذا إذا كنت تقف في ديوميد الصغرى وتتطلع إلى ديوميد الكبرى، فستشاهد غدا حرفيًا، وإذا كنت تنظر من ديوميد الكبرى إلى ديوميد الصغرى، فستشاهد الأمس!

هذا بسبب أن المناطق الزمنية المحلية حيث الفرق الزمني بين الجزرتين 21 ساعة لذا إن كنت تقف الساعة الرابعة عصرًا في أحدى الجزيرتين، ستنظر لتجد الجزيرة الأخرى أيضًا في وقت العصر حيث الثانية عصرًا ولكن في اليوم السابق، فإن كانت هنا عصر الأحد فهناك عصر السبت، لذلك بالطبع تم تسميتهم بجزر الأمس والغد، وهو ما يؤكد مجرد غرابة في العيش على كوكب دائري ومحاولة الحفاظ على اتساق المناطق الزمنية.

15 يوم سفر بين الجزيرتين

 جزيرة الغد وجزيرة الأمس

أخيرا فإن السفر بين جزيرتي ديوميد، جزيرة الغد / جزيرة الأمس لا يمكن أن يتم قانونًا من منطقة تقاربهما، بل يجب أن تدور حول الكرة الأرضية لتصل للجزيرة الأخرى، وهو ما يعني سلسلة جامحة من الرحلات الجوية وركوب العبارات، بدءا من ألاسكا وتستمر بالتوقف في سياتل ونيويورك وموسكو وسيبيريا والرحلة مدتها 15 يوما، من السفر والتوقف، فقد تم إغلاق الحدود بين الجزيرتين منذ عام 1948، ليتحول السفر بينهما عبور لكامل الكرة الأرضية فعليًا.